فصل: قال ابن قتيبة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال بيان الحق الغزنوي:

سورة المزمل:
{المزمل} [1] أصله المتزمل، ومثله {المدثر}، تزمل وتدثر إذا تلفف بغطاء. قال امرؤ القيس:
............. ** في بجاد مزمل

{قم الليل} [2] اسم الجنس، أي: كل ليلة.
{إلا قليلا} [2] من عدد الليالي، فقاموا على ذلك سنة فرخص بعدها بقوله: {فاقرءوا ما تيسر}.
{ورتل} [4] بين وفصل، من الثغر الرتل: وهو الحسن الرصف.
{قولا ثقيلا} [5] راجحا ليس بسخيف مهلهل. وقيل: ثقيل المحمل. وكان إذا أوحي إليّه ثقل عليه الحركة فلا يستطيع شيئا.
{ناشئة الليل} [6] الصلاة التي ينشأ فيه. وقيل: ساعته التي تنشأ.
{وطاءا} مصدر كالمواطأة، مثل: الوفاق والموافقة. أي: قيام الليل أبلغ في مواطأة قلبك لعملك ولسانك. وقيل: معناه أن ما ينشأ في حفظك من القرآن بالليل أشد موافقة لك، لمكان الخلوة، وإمكان التفهم لها. وكذلك تفسير وطئا.
{سبحا طويلا} [7] فراغا للعمل والاستراحة. والسبح: سهولة الحركة.
{وتبتل} [8] انقطع إلى عبادته.
{وكيلا} [9] وليا معينا.
{أنكالا} [12] قيودا واحدها نكل.
{غصة} [13] تأخذ بالحلق فلا تدخل ولا تخرج.
{كثيبا مهيلا} [14] رملا سائلا، مفعول هلت الرمل: حركت أسفله فانهال أعلاه. {وبيلا} [16] ثقيلا شديدا.
{يجعل الولدان شيبا} [17] مثل لصعوبة الأمر، أي: هم كالشيب في الانكسار وتخاذل القوى.
{السماء منفطر} [18] السماء يذكر ويؤنث. قال الفرزدق:
ولو رفع السماء إليه قوما ** لحقنا بالسماء مع السحاب

{علم أن لن تحصوه} [20] أي: إحصاء نصف الليل وثلثه.
تمت سورة المزمل. اهـ.

.قال الأخفش:

سورة المزمل صلى الله عليه وسلم:
{يا أيُّها الْمُزّمِّلُ} قال: {الْمُزّمِّلُ} والأصل: المُتزمِّلْ، ولكن أدغمت التاء في الزاي و{المُدّثِّر} مثلها.
{قُمِ الْلّيْل إِلاّ قلِيلا نِّصْفهُ أوِ انقُصْ مِنْهُ قلِيلا أوْ زِدْ عليْهِ ورتِّلِ القرآن ترْتِيلا}
وقوله: {قُمِ الْلّيْل إِلاّ قلِيلا} {نِّصْفهُ أوِ انقُصْ مِنْهُ قلِيلا} {أوْ زِدْ عليْهِ} فقال السائل عن هذا: قد قال: {قُمِ الْلّيْل إِلاّ قلِيلا} فكيف قال: {نِصْفهُ}؟ انما المعنى (أوْ نِصْفه أو زِدْ عليْهِ) لأن ما يكون في معنى تكلم به العرب بغير: (أو) تقول: (أعْطِهِ دِرْهما دِرْهميْنِ ثلاثة) تريد: (أوْ دِرْهميْنِ أوْ ثلاثة).
{واذْكُرِ اسْم ربِّك وتبتّلْ إِليْهِ تبْتِيلا}
وقال: {وتبتّلْ إِليْهِ تبْتِيلا} فلم يجيء بمصدره ومصدره (التبتُّل) كما قال: {أنبتكُمْ مِّن الأرْضِ نباتا} وقال الشاعر: من الوافر وهو الشاهد الثالث والأربعون بعد المائتين:
وخيْرُ الأمْرِ ما اسْتقْبلْت مِنْهُ ** وليْس بِأنْ تتبّعُه اتِّباعا

وقال: من الرجز وهو الشاهد الثاني والأربعون بعد المائتين:
يجْرِي عليْها أيّما إِجْراءِ

وذلك أنّها إِنّما جرت لأنّها أُجْرِيتْ.
{رّبُّ الْمشْرِقِ والْمغْرِبِ لا اله إِلاّ هُو فاتّخِذْهُ وكِيلا}
وقال: {رّبُّ الْمشْرِقِ} رفعٌ على الابتداء وجرّ على البدل.
{يوْم ترْجُفُ الأرْضُ والْجِبالُ وكانتِ الْجِبالُ كثِيبا مّهِيلا}
وقال: {مّهِيلا} لأنك تقول: (هِلْتُه) فـ (هو مهِيل).
{فكيْف تتّقُون إِن كفرْتُمْ يوْما يجْعلُ الْوِلْدان شِيبا}
وقال: {يوْما يجْعلُ الْوِلْدان شِيبا} فجعل {يجْعلُ الْوِلْدان} من صفة اليوم ولم يضف لأنه أضمر.
{إِنّ ربّك يعْلمُ أنّك تقُومُ أدْنى مِن ثُلُثيِ الْلّيْلِ ونِصْفهُ وثُلُثهُ وطآئِفةٌ مِّن الّذِين معك}
وقال: {أدْنى مِن ثُلُثيِ الْلّيْلِ ونِصْفهُ وثُلُثِهُ} وقد قرئت بالجر وهو كثير وليس المعنى عليه فيما بلغنا لأن ذلك يكون على (أدْنى من نِصْفِهِ) و(أدْنى من ثُلُثِهِ) وكان الذي افترض الثلث او اكثر من الثلث لأنه قال: {قُمِ الْلّيْل إِلاّ قلِيلا} [2] {نِّصْفهُ أوِ انقُصْ مِنْهُ قلِيلا} [3] وأما الذي قرأ بالجرّ فقراءته جائزة على ان يكون ذلك- والله أعلم- اي انكم لم تؤدوا ما افترض عليكم فقمتم أدنى من ثلثي الليل ومن نصفه ومن ثلثه.
وقال: {تجِدُوهُ عِند اللّهِ هُو خيْرا} لأن (هو) و(هما) و(أنتم) و(أنتما) وأشباه ذلك يكنْ صفات للاسماء المضمرة كما قال: {ولكن كانُواْ هُمُ الظّالِمِين} و{تجِدوُهُ عند اللهِ هُو خيْر} وقد يجعلونها اسما مبتدأ كما تقول (رأيتُ عبد اللهِ أبُوه خيرٌ مِنْه). اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة المزمل:
1- {الْمُزّمِّلُ}: المتلفف في ثيابه. وأصله: (المتزمّل)، فأدغمت التاء في الزاي.
2- و3- و4- وقوله: {إِلّا قلِيلا نِصْفهُ أوِ انْقُصْ مِنْهُ قلِيلا أوْ زِدْ عليْهِ}، مفسر في كتاب (المشكل).
{ورتِّلِ القرآن ترْتِيلا} قد ذكرناه في سورة بني إسرائيل.
5- {قولا ثقِيلا} أي ثقيل الفرائض والحدود.
ويقال: (أراد قولا: ليس بالخفيف ولا السّفساف، لأنه كلام اللّه عز وجل).
6- {إِنّ ناشِئة اللّيْلِ}: ساعاته الناشئة. من (نشأت): إذا ابتدأت. هِي أشدُّ وطْئا أي أثقل على المصلّي من ساعات النهار. وأقْومُ قِيلا: لأن الأصوات تهدأ فيه، ويتفرغ القلب للقرآن، فيقيمه القارئ.
ومن قرأ: {وطاء}، فهو مصدر (واطأت). وأراد: مواطأة السمع واللسان والقلب على الفهم له، والإحكام لتأويله.
7- {إِنّ لك فِي النّهارِ سبْحا طوِيلا} أي تصرّفا في حوائجك، وإقبالا وإدبارا، وذهابا ومجيئا.
8- {وتبتّلْ إِليْهِ} أي انقطع إليه. من قولك: بتلت الشيء، إذا قطعته.
12- (الأنكال): القيود. واحدها: (نكل).
وجحِيما أي نارا.
13- {وطعاما ذا غُصّةٍ}: تغصّ به الحلوق.
14- {وكانتِ الْجِبالُ كثِيبا مهِيلا} أي رملا سائلا.
ومثله: {وبُسّتِ الْجِبالُ بسّا فكانتْ هباء مُنْبثّا} [الواقعة آية: 5/ 6].
16- {أخْذا وبِيلا} أي شديدا. وهو من قولك: (استوبلت البلد): إذا استوخمتها. ويقال: كلا مستوبل، أي لا يستمرا.
17- {فكيْف تتّقُون إِنْ كفرْتُمْ يوْما يجْعلُ الْوِلْدان شِيبا}؟!.
المعنى: فكيف تتقون يوما يجعل الولدان شيبا، إن كفرتم.
18- {السّماءُ مُنْفطِرٌ بِهِ} أي منشقّ فيه.
{فمنْ شاء اتّخذ إِلى ربِّهِ سبِيلا} أي طريقا ووجهة.
20- {علِم أنْ لنْ تُحْصُوهُ}: لن تطيقوه. اهـ.

.قال الغزنوي:

ومن سورة المزمل:
تزمّل وتدثر: تلفف بغطاء.
2 {قُمِ اللّيْل} اسم الجنس، أي: كل ليلة، {إِلّا قلِيلا}: من اللّيالي، فقاموا على ذلك سنة ثمّ خفّف بقوله: {فاقْرؤُا ما تيسّر}.
4 {ورتِّلِ}: بيّن وفصل، من الثغر: الرّتل. ابن مسعود رضي اللّه عنه: «اقرءوا القرآن ولا تهذوه هذّ الشعر ولا تنثروه نثر الدّقل، وقفوا عند عجائبه، وحرّكوا به القلوب، ولا يكونن همّ أحدكم آخر السّورة».
5 {قولا ثقِيلا}: راجحا ليس بسخيف مهلهل.
6 {ناشِئة اللّيْلِ}: ساعته التي تنشأ.
وطاء: مصدر كالمواطأة مثل: الوفاق والموافقة، أي: اللّيل أبلغ في مواطأة قلبك لعملك ولسانك وكذا تفسير وطْئا.
7 {سبْحا}: فراغا للعمل، والاستراحة والسّبح: سهولة الحركة.
8 {وتبتّلْ}: انقطع إلى عبادته عن كل شيء.
9 {وكِيلا}: وليا معينا.
12 {أنْكالا}: قيودا.
13 {غُصّةٍ}: يأخذ الحلق فلا يسوغ.
14 {كثِيبا مهِيلا}: رملا سائلا، هلت الرّمل: حرّكت أسفله فانهار أعلاه.
16 {وبِيلا}: ثقيلا شديدا. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة المزمل:
عدد 3 – 72.
أو قيام الليل.
نزلت بمكة بعد القلم عدا الآيات 10 و11 و20 فإنها نزلت بالمدينة.
وهي عشرون آية.
ومائتان وخمس وثمانون كلمة.
وثمانمائة وثلاثون حرفا.
ومثلها في عدد الآية سورة البلد.
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قال تعالى: {يا أيُّها الْمُزّمِّلُ 1} بفراشه الملتف به كان صلى الله عليه وسلم في بدء نبوته يقول عند انفصام الوحي عنه زمّلوني أي لفوني فرقا من شدة الوحي وعظم رؤية ملكه، فخاطبه اللّه تعالى بالحالة التي هو فيها إذ كان يتزمّل في ثيابه، ويوجد في القرآن عشر سور مبدوءة بلفظ يا أيها هذه والنساء والمائدة والحج والأحزاب والحجرات والممتحنة والمدثر والطلاق والتحريم.
هذا وبعد أن ناداه ربه أمر بقوله: {قُمِ اللّيْل إِلّا قلِيلا 2} منه وهذا الأمر للوجوب راجع ما فيه في الخاتمة المارة، ثم بين هذا القليل المستثنى من الكل بقوله: {نِصْفهُ أوِ انْقُصْ مِنْهُ قلِيلا 3} أي السدس بأن تقوم الثلث {أوْ زِدْ عليْهِ} سدسا بأن يبلغ النصف إلى الثلثين فكان صلى الله عليه وسلم يقوم من كل ليل تلك المقادير امتثالا للآمر وأصحابه يقومون معه تهجدا نفلا لأنه لم يفرض عليهم.

.مطلب ما يجب على القارئ عند التلاوة:

وكان القيام في بداية الإسلام فريضة عليه، سنة على الأصحاب {ورتِّلِ القرآن} يا حبيبي عند قراءته {ترْتِيلا 4} تبيينا فصيحا على تؤدة وتأن وتفكر يثير حضور القلب بمعانيه ولذيذ النّفس بمبانيه واشتغل بعبادتي تحظ بعبوديتي.
يفيد هذا الأمر وجوب الاعتناء بقراءة القرآن يعضده قوله صلى الله عليه وسلم: «أعربوا القرآن واعرفوا غرائبه» إذ بالعجلة تفوت الغرض المطلوب منه فعلى القارئ أن يستشعر بعظمة القرآن وهيبة منزله عند ذكره والرجاء عند ذكر الوعد والخوف عند الوعيد والعبرة عند القصص والذكرى عند الأمثال ليستنير قلبه بنور كلام اللّه ويوقر في صدره مغزى معناه ومبناه وليخذن من الاسراع المخل والتطويل الممل ففيهما الحرمة والاساءة.
روى البخاري ومسلم عن قتادة قال: سئل كيف كانت قراءة رسول اللّه فقال كانت مدا ثم قرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم ويمد الرحمن ويمد الرحيم، وروى البخاري ومسلم عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: جاء رجل إلى ابن مسعود وقال إني لا قرأ المفصل في ركعة قال عبد اللّه هذّ كهذا الشعر أي صرعة وعجلة مخلّين بأصوله لا ثواب بقراءته كما يفهم من تتمة الحديث وهي: إن أقواما يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم (العظام التي بين النحر والعاتق) ولكن إذا وقع في القلب فرسخ، يقع منه موقعا ينيره فيخضع له الجسد وتخشع الجوارح كلها إن أفضل الصلاة الركوع والسجود إني لأعرف النظائر التي كان رسول اللّه يقرن بينهن سورتين من كل ركعة. فظهر أن المقصود من الترتيل حضور القلب وكمال المعرفة لأن النّفس تبتهج بذكر الأمور الإلهية الروحانية والسرعة تنافي الحضور والعجلة تباين المعرفة، وفي رواية فذكر عشرين سورة من المفصل وهو من الحجرات إلى الناس بحسب ترتيب القرآن وسمي مفصلا لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة وقصر أكثر آياته، قال تعالى: {إِنّا سنُلْقِي عليْك} يا أكمل الرسل {قولا ثقِيلا 5} ايحاءه شاق تلقّيه صعب تحمله لأن كلام العظيم عظيم في مبناه رزين في معناه لما فيه من الأوامر والنواهي التي فيها صعوبة وكلفة على النفس وليس ذلك بالخفيف الهين.